أصبح مارك أندريه تير شتيجن، الحارس الألماني وقائد الفريق، فجأة، في قلب صراع داخلي مع المدرب هانزي فليك، الذي يبدو مصممًا على إنهاء حقبة الحارس البالغ من العمر 33 عامًا.
هذا الصراع، الذي تفاقم بسبب قرار النادي بالتعاقد مع حارس إسبانيول الشاب خوان جارسيا، يكشف عن توترات عميقة في غرفة الملابس وخارجها.
ولا يمكن فصل أبعاد الأزمة وتداعياتها، عن تاريخ قديم من التجاهل من قبل فليك لتير شتيجن، يعود إلى فترة تدريبه للمنتخب الألماني، حيث فضّل مانويل نوير باستمرار لحماية عرين المانشافت.
بداية الشرارة.. إصابة وعودة مثيرة للجدل
بدأت الأزمة تتبلور في الموسم الماضي عندما تعرض تير شتيجن لإصابة خطيرة في الركبة أبعدته عن الملاعب حتى مايو/ أيار 2025.
وخلال غيابه، اعتمد برشلونة على الحارس البولندي المخضرم فويتشيك تشيزني، الذي قدم أداءً مميزًا، مما عزز ثقة فليك به.
وعندما أعلن وكيل تير شتيجن لمدير الكرة ديكو، أن الحارس الألماني بات جاهزًا للعب في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ضد إنتر ميلان، جاء قرار فليك وطاقمه الفني باستمرار تشيزني صادمًا.
ولم يكن رد فعل تير شتيجن هادئًا، حيث رفض السفر مع الفريق إلى ميلانو، مفضلاً التدرب بمفرده في برشلونة، في خطوة أثارت استياء الجهاز الفني وزملائه.
وأضر هذا الموقف، وفقًا لتقارير صحيفة "سبورت"، بصورته كقائد للفريق، خاصة وأن لاعبًا مثل جول كوندي حرص على السفر لدعم الفريق رغم ظروفه الخاصة.
وتفاقمت الأمور عندما أجرى تير شتيجن مقابلة مع وسائل إعلام ألمانية، مؤكدًا جاهزيته، مما اعتبره النادي تحديًا علنيًا لقرارات فليك.
ثورة خوان جارسيا
في خضم هذا التوتر، جاء قرار برشلونة بالتعاقد مع خوان جارسيا، حارس مرمى إسبانيول البالغ من العمر 23 عامًا، كمفاجأة للجماهير.
وكان النادي يركز على تعزيز مركز الجناح الأيسر، لكن الخلاف مع تير شتيجن دفع ديكو وفليك لتسريع خطوة التعاقد مع جارسيا، الذي يُنظر إليه كمستقبل حراسة المرمى في النادي.
وتشير التقارير إلى أن الصفقة ستُنجز خلال أيام، مع خطة واضحة، إذ سيكون جارسيا الحارس الأساسي، وتشيزني الاحتياطي، مع خروج إينياكي بينيا وعرضه للبيع، مما يضع تير شتيجن في موقف حرج كحارس ثالث.
ويعكس هذا التحول رؤية فليك وديكو لتجديد الفريق، مع التركيز على الشباب والطاقات الجديدة، لكن اختيار جارسيا، رغم موهبته، يحمل مخاطر، إذ لم يختبر بعد ضغوط اللعب في نادٍ بحجم برشلونة.
في المقابل، يرى البعض أن هذه الخطوة تهدف إلى إجبار تير شتيجن على الرحيل، خاصة مع عقده الممتد حتى 2028.
تاريخ من التجاهل
لا يعتبر هذا الخلاف الأول بين فليك وتير شتيجن، ولكنه ظهر إلى العلن هذه المرة، فخلال فترة تدريبه للمنتخب الألماني (2021-2023)، أظهر فليك تفضيلًا واضحًا لمانويل نوير، حارس بايرن ميونخ، على حساب تير شتيجن، الذي كان يعاني من الجلوس على مقاعد البدلاء رغم تألقه مع برشلونة.
حتى عندما كان نوير يعاني من إصابات أو تراجع في الأداء، ظل فليك متمسكًا به، مما أثار استياء تير شتيجن علنًا في بعض المناسبات.
هذا التاريخ يضيف بُعدًا شخصيًا للأزمة الحالية، حيث يشعر تير شتيجن، وفقًا لمقربين منه، أن فليك يحمل تحيزًا ضده، وأن قراراته في برشلونة ليست مبنية فقط على الأداء، بل على ديناميكيات شخصية.
ومن جهته، يبرر فليك موقفه بالحاجة إلى استقرار الفريق، خاصة في ظل الضغوط التنافسية في الليجا ودوري الأبطال.
تداعيات مشتعلة
ولم تقتصر تداعيات الخلاف على تير شتيجن وفليك، ولكن أثرت الأزمة على أجواء غرفة الملابس، حيث يُنظر إلى تير شتيجن كأحد رموز النادي وقائد له تأثير كبير.
وأثار رفضه إلقاء كلمة وداع للجماهير بعد المباراة الأخيرة في سبوتيفاي كامب نو استياء الإدارة، التي ترى أن هذا السلوك يناقض دوره القيادي.
EPA
من ناحية أخرى، يشعر تير شتيجن بالخيانة، معتبرًا أن ديكو وفليك سربا معلومات للصحافة من أجل الضغط عليه للرحيل.
وعرض النادي تعويضًا بقيمة سنة واحدة من عقده لإنهاء العلاقة، لكن تير شتيجن رفض، وأصر على البقاء والقتال من أجل مركزه.
هذا الموقف يضع برشلونة في مأزق، إذ قد يضطر للاحتفاظ بحارس باهظ الأجر كخيار ثالث، مما يؤثر على الميزانية.
نقطة مضيئة وسط الظلام
رغم المشاكل في برشلونة، يبقى تير شتيجن نقطة مضيئة مع المنتخب الألماني، وفي مباراة الخسارة أمام فرنسا (2-0) في بطولة دوري الأمم الأوروبية، قدم تير شتيجن أداءً مميزًا، حيث أنقذ عدة فرص خطيرة.
وأشاد المدرب جوليان ناجلسمان به كحارس أول، مؤكدًا أن فليك نفسه أبلغه بجاهزية تير شتيجن، لكن قلة مبارياته مع برشلونة تثير قلقًا مع اقتراب كأس العالم 2026، حيث يحتاج الحارس إلى إيقاع تنافسي للحفاظ على مكانته.
ويواجه تير شتيجن، الذي كان رمزًا للاستقرار في مرمى برشلونة لأكثر من عقد، أصعب لحظات مسيرته الآن، ويشير الخلاف مع فليك، المدعوم بتاريخ من التوتر، إلى جانب ظهور خوان جارسيا كبديل شاب، إلى اقتراب نهاية حقبته.
لكن إصرار تير شتيجن على البقاء قد يجعل الانفصال أكثر تعقيدًا ودراماتيكية.