السبت 27-04-2024
ملاعب

حفيظ الدراجي يكتب: لماذا لا يفوز غوارديولا بدوري الأبطال؟

guardiola-real madrid-2020


ملاعب - سؤال يؤرق عشاق السيتي وكل هواة الكرة كل موسم منذ رحيل غوارديولا عن برشلونة الذي توج معه مرتين بدوري الأبطال في 2009 و2011، ليصنع بعد ذلك اسما استقطبه البايرن بعد أيام من تتويجه باللقب الأوروبي مع يوب هاينكس سنة 2013، أملا في التربع على عرش أوروبا لسنوات اخرى، لكنه لم يتمكن من ذلك على مدى ثلاث سنوات رغم حيازته على تشكيلة ثرية وأموال كثيرة، ولم يقدر لحد الأن على مدى أربعة مواسم من تحقيق اللقب الذي ينقص السيتي رغم الأرمادا من اللاعبين المتميزين، والملايين التي أنفقها الفريق من أجل استقطاب النجوم، بل أخفق في بلوغ النهائي ثلاث مرات متتالية مع البايرن، ولم يتمكن من اجتياز ربع نهائي المسابقة مع السيتي أمام فرق أدنى منه شأنا، كان آخرها نادي ليون الفرنسي بعدما أطاح بالريال في ثمن النهائي بفوزه عليه ذهابا وايابا.

اضافة اعلان

الإخفاقات المتكررة صارت مثيرة للتساؤلات حول قدرات الرجل على تكرار ما فعله مع برشلونة الذي يعتقد البعض أنه من صنع له اسما بوجود الثلاثي ميسي وتشافي وأنيستا، أصحاب الفضل عليه، بينما يعتقد البعض الأخر بأن المشكلة على مدى سبع سنوات لم تكن في البايرن أو السيتي ولا حتى في الفرق التي واجهها، أو تلك التي توجت باللقب في العقد الأخير من الزمن، بل كانت في خيارات المدرب غوارديولا وفلسفته الكروية التي تستند على عملية المداورة في اشراك اللاعبين وعدم اعطائهم الفرصة للتأقلم واكتساب الثقة في أنفسهم والتعود على بعضهم بعضا، وهو عكس الذي كان يقوم به مع برشلونة عندما أشرف عليه، وعكس ما قام به الألماني يورغن كلوب على مدى أربع سنوات مع ليفربول الذي صنع فيه فريقا متكاملا لم يغير فيه الكثير، في وقت كانت قناعات غوارديولا تتغير كل مرة، بل كل أسبوع وكل يوم بسبب الخيارات الفنية العديدة التي يحوز عليها، والتي لم يقدر على استغلالها والاستثمار فيها كما ينبغي.


قبل مواجهة الريال في إياب ثمن نهائي دوري الأبطال الموسم الماضي، اعتبر الخروج أمام الريال أمرا عاديا وليس كارثيا، لكن عندما خرج أمام ليون في ربع النهائي بسبب خياراته الفنية، صرح بأنه لن يقتل نفسه إذا لم يتوج باللقب الأوروبي، وهو الكلام الذي أعاد الى الأذهان تصريحاته منذ سنة حين أخرجه توتنهام من ربع النهائي عندما صرح بأن السيتي لا يزال مراهقا غير ناضج لكي يحصل على دوري الأبطال، وهي كلها تصريحات مستفزة للكثير من عشاق النادي الذين بدأوا يشككون في قدرات الرجل ويعتقدون بأن تتويجه المزدوج مع البارسا في 2009 و2011 كانت وراءه فرديات لامعة ومجموعة متجانسة وهوية لعب موروثة دهست كل من صادفها محليا وأوروبيا، بينما في البايرن والسيتي حاول تطبيق نفس الفلسفة التي انتهجها مع البارسا لكنه كان دائما يخفق في الأنفاس الأخيرة بسبب خيارات تكتيكية خاطئة كتلك التي انتهجها أمام ليون عندما لعب بخطة وتشكيلة أساسية لم يلعب بها طيلة الموسم، غاب عنها ديفيد سيلفا ورياض محرز وبرناردو سيلفا.


الخيارات الفنية والتكتيكية الخاطئة خلصت الى أن غوارديولا كان يهزم نفسه في كل مرة مع السيتي في ربع النهائي، ما دفع إلى بروز نزعة في أوساط المان سيتي تحمله مسؤولية الإخفاق وتدعو الى رحيله، خاصة وأنه أنفق على مدى أربع سنوات ما يقارب مليار يورو في الاستقدامات، وتحصل على كل اللاعبين الذين أرادهم، ما سمح له بالفوز بكل الألقاب المحلية، بما في ذلك مسابقة الدوري مرتين، لكن يبدو أن إنهاء إخفاقات التتويج بدوري الأبطال يستدعي إنفاقا إضافيا من أجل استقدام الأرجنتيني ليو ميسي الموسم المقبل ويستدعي التراجع عن بعض قناعاته وخياراته، أو ربما تغييره كليا واستبداله بمدرب آخر بعدما صار الإخفاق في دوري الأبطال يؤرق الجميع.


الموسم الجديد قد يكون آخر فرصة للإسباني للحصول على اللقب الذي جاء من أجله الى السيتي، رغم أن البعض يعتقد أنه لن يغادر قبل تتويجه بدوري الأبطال، خاصة وأنه كان قريبا من ذلك ومرشحا كل مرة، وكان يخرج لأسباب ذاتية خاصة به وليس بالمنافسين أو قوة المنافسة في حد ذاتها، لذلك عليه مراجعة بعض قناعاته وخياراته الفنية والتكتيكية، بينما يعتقد البعض الآخر بأن التتويج بدوري الأبطال ليس معيارا للحكم على مشوار غوارديولا، لأنه توج بكل الألقاب مع البايرن والسيتي وينقصه قليلا من الحظ والتفاصيل الصغيرة كي يصل الى النهائي ويتوج حتى قبل استقدام ميسي الموسم المقبل، والذي لن يضمن بالضرورة للنادي التتويج باللقب الذي يبحث عنه.


رحيل غوارديولا عن السيتي بدون الحصول على دوري الأبطال يشكل اخفاقا للمدرب والنادي على حد سواء، أما استمراره والتمسك به سيشكل مغامرة أخرى مكلفة فنيا و ماديا، قد تعيد الرجل الى الوراء، وتعيد النادي الى نقطة الصفر بعد كل الاستثمارات التي قام بها لحد الآن، ليبقى الإجماع في كل مكان على أن أسباب الفشل أوروبيا هي ذاتية، تتعلق بالفيلسوف أكثر من الفلسفة في حد ذاتها، وتتعلق بالمدرب أكثر من اللاعبين في حد ذاتهم!

 

حفيظ الدراجي - إعلامي رياضي