الملاذ الإيطالي.. زيركزي بين الهروب والولادة من جديد

تزداد التكهنات يوماً بعد يوم حول مستقبل المهاجم الهولندي جوشوا زيركزي مع مانشستر يونايتد، إذ تشير تقارير صحفية إنجليزية وإيطالية إلى أن اللاعب قد يطرق أبواب الرحيل خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة في يناير/كانون الثاني، بحثاً عن فرصة جديدة تعيد إليه البريق الذي افتقده منذ وصوله إلى "أولد ترافورد".
اضافة اعلان

صحيفة "ذا صن" البريطانية كشفت في تقرير نشرته مساء الأربعاء أن هناك اهتماماً متجدداً بزيركزي من جانب عدد من أندية الدوري الإيطالي، وعلى رأسها نادي كومو الصاعد حديثاً إلى الساحة، إضافة إلى العملاق يوفنتوس.

كومو ومشروع فابريجاس


كومو، الذي يخوض موسمه الثاني على التوالي في الدوري الإيطالي الممتاز، يسعى إلى تعزيز صفوفه بلاعبين يملكون خبرة أوروبية قادرة على دفع مشروعه الطموح إلى الأمام. النادي المملوك لمستثمرين طموحين، وجد في اسم زيركزي القطعة المفقودة التي يبحث عنها، خصوصاً في ظل المشروع الفني الذي يقوده الإسباني سيسك فابريجاس، والذي يحاول كتابة فصل جديد في تاريخ الفريق، ووضعه بين الأندية المرموقة في إيطاليا.

ورغم ما قيل في الصحافة عن وصول المفاوضات إلى مراحل متقدمة، فإن مصادر مقربة من مانشستر يونايتد شددت على أن الأمور لم تُحسم بعد. ومع ذلك، يبقى النادي الإنجليزي منفتحاً على فكرة البيع أو الإعارة إذا وصل عرض مالي مغرٍ، خاصة أن المهاجم الهولندي لم يحصل على دقائق لعب كافية منذ بداية الموسم، ما زاد من حالة الغموض حول مستقبله.

أرقام متواضعة مع يونايتد

زيركزي (24 عاماً) كان قد انضم إلى مانشستر يونايتد في صيف 2024 قادماً من بولونيا الإيطالي، في صفقة بلغت قيمتها 36.5 مليون جنيه إسترليني، بعد موسم استثنائي بقميص النادي الإيطالي، أحرز خلاله 11 هدفاً وصنع 5 تمريرات حاسمة في 34 مباراة بالدوري، مساهماً في تأهل بولونيا التاريخي إلى دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه.

لكن منذ وصوله إلى "مسرح الأحلام"، لم يحصل على الفرصة الكافية لإثبات قيمته. فخلال 14 شهراً، شارك في 53 مباراة مع الفريق، معظمها كبديل، وسجل 7 أهداف فقط وصنع 3 تمريرات حاسمة. هذه الأرقام اعتُبرت بعيدة عن مستوى التوقعات التي رافقت صفقته، وأثارت علامات استفهام حول مدى جدوى استمراره مع الفريق.


رحلة متقلبة بين ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا

قبل انتقاله إلى بولونيا، كان زيركزي أحد أبرز خريجي أكاديمية بايرن ميونخ، حيث انضم للنادي البافاري عام 2017 قادماً من فينورد الهولندي. ومع الفريق الأول لبايرن، ظهر في الفترة بين 2019 و2021، ولعب 17 مباراة سجل خلالها 4 أهداف، وكان ضمن قائمة الفريق الذي تُوج بدوري أبطال أوروبا 2020 بقيادة المدرب هانز فليك، رغم محدودية دوره.

لاحقاً، أُعير إلى بارما الإيطالي وأندرلخت البلجيكي، وقدم مستويات جيدة في بلجيكا تحديداً، حيث سجل 16 هدفاً خلال موسم 2021/22، وهو ما أعاد اسمه بقوة إلى الواجهة وأقنع بولونيا بالتعاقد معه. هناك، وجد الاستقرار النسبي، وقدم أفضل مواسم مسيرته حتى الآن.

يوفنتوس يعود للصورة

إلى جانب كومو، يراقب يوفنتوس اللاعب عن قرب. النادي العريق أبدى اهتماماً بخدماته منذ صيف 2023، لكنه لم ينجح في حسم الصفقة آنذاك. ومع احتمالية رحيل المهاجم الصربي دوسان فلاهوفيتش قريباً، يرى مسؤولو "السيدة العجوز" أن زيركزي خيار مناسب، بالنظر إلى خبرته السابقة في الكالتشيو، وسعره الذي قد يكون أقل مقارنة بغيره من المهاجمين المتاحين في السوق.

ومع أن عقد اللاعب مع مانشستر يونايتد يمتد حتى صيف 2029، ما يمنح إدارة النادي الإنجليزي قوة تفاوضية، إلا أن محدودية مشاركاته هذا الموسم – إذ لم يظهر سوى في أربع مباريات جميعها من مقاعد البدلاء – تجعله أكثر ميلاً للبحث عن تجربة جديدة.



إيطاليا.. الملاذ المفضل لنجوم يونايتد

الكرة الإيطالية باتت في الأعوام الأخيرة الوجهة المفضلة لعدد من لاعبي مانشستر يونايتد الذين لم يجدوا مكاناً أساسياً في الفريق. المهاجم الدنماركي راسموس هويلوند، على سبيل المثال، رحل إلى نابولي في صفقة تضمنت بند شراء إلزامياً، بعد أن اعتُبر فائضاً عن الحاجة في "أولد ترافورد".

وفي تجربة أخرى، انتقل لاعب الوسط الاسكتلندي سكوت مكتوميناي إلى الدوري الإيطالي في صيف 2023، حيث عاش موسماً استثنائياً تُوج خلاله بجائزة أفضل لاعب في الكالتشيو، بل ونال ترشيحاً لجائزة الكرة الذهبية، ليبرهن أن الانتقال إلى إيطاليا قد يكون بداية لنجاح جديد.

هذه النماذج تعزز الاعتقاد بأن الدوري الإيطالي قد يمثل البيئة المثالية لجوشوا زيركزي، الذي يعرف أجواءه جيداً، وسبق أن تألق فيه.

موقف أموريم.. ومفترق طرق حاسم

المدرب الحالي لمانشستر يونايتد، البرتغالي روبن أموريم، لم يُخف إعجابه بزيركزي، رغم قلة مشاركاته. ففي تصريحات لإذاعة "توك سبورت" قال: "أريد أن يبقى جوش، لأنه يمنح كل ما لديه في التدريبات ويحاول باستمرار، لكن في النهاية لا نعرف ما الذي قد يحدث في المستقبل."

ورغم كلمات الدعم هذه، فإن الواقع يؤكد أن اللاعب لا يحظى بالثقة الكاملة التي تضمن له اللعب أساسياً. ومع اقتراب سوق الانتقالات الشتوية، تبدو جميع الاحتمالات مطروحة، سواء بالبقاء أو الرحيل.

اليوم يقف جوشوا زيركزي عند مفترق طرق جديد في مسيرته الكروية. البقاء في مانشستر يونايتد يعني الاستمرار في معاناة الجلوس على مقاعد البدلاء، بينما قد يمنحه الانتقال إلى كومو أو يوفنتوس بداية جديدة في دوري يعرفه جيداً، وحقق فيه أفضل أرقامه.

القرار النهائي سيتوقف على مدى جدية الأندية الإيطالية في تقديم عروض ملموسة، وكذلك على استعداد مانشستر يونايتد للتخلي عنه مقابل عائد مالي يراه مناسباً. لكن المؤكد أن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل المهاجم الهولندي الذي ما يزال يبحث عن محطة تُعيد إليه بريقه.