أعلن ناديا ميلان وإنتر ميلان الإيطاليين، اليوم الأربعاء، عن توقيع اتفاقية بيع مع بلدية ميلانو لشراء منطقة سان سيرو الحضرية الكبرى، والتي تشمل ملعب "مياتزا" والمنطقة المحيطة به.
اضافة اعلانوتعد هذه الصفقة تمهدا لبدء مشروع بناء ملعب جديد مشترك في قلب مدينة ميلانو.
وأكد الناديان في بيان مشترك: "يعلن ناديا ميلان وإنتر اليوم توقيع عقد البيع مع بلدية ميلانو للاستحواذ على منطقة سان سيرو الكبرى، بما في ذلك ملعب مياتزا والمناطق المحيطة به".
وأضاف البيان: "يمثل بناء الملعب الجديد ومشروع إعادة تطوير منطقة سان سيرو فصلا جديدا في تاريخ مدينة ميلانو وكلا الناديين. هذه الخطوة الاستراتيجية تعكس الطموح المشترك لكل من ميلان وإنتر ومالكيهما، مجموعة ريد بيرد وصناديق أوكتري، لتحقيق نجاح رياضي طويل الأمد واستثمار يعزز القيمة ويدعم النمو المستدام للناديين".
وأوضح الناديان أن الصفقة أُنجزت بعد موافقة مجلس مدينة ميلانو على عملية البيع في شهر سبتمبر الماضي، قبل أن يتم اليوم توقيع جميع المستندات القانونية المطلوبة لإتمام الاتفاق رسميا.
وأكد البيان أيضا أن "الصفقة تمت عبر شركة "ستاديو سان سيرو ش.م.ع."، بدعم تمويلي من مؤسسات مصرفية دولية هي "جولدمان ساكس" و"جي بي مورجان" بصفتهما المنسقين الرئيسيين، إضافة إلى الشركاء المصرفيين للناديين، بنك "بانكو بي بي إم" و(بي بي إي آر بانكا)".
وفيما يتعلق بالمشروع الجديد، كشف الناديان عن تعاقدهما مع شركتي "فوستر + بارتنرز" و"مانيكا" لتولي تصميم وتطوير الملعب الجديد من الطراز العالمي، إلى جانب إعداد المخطط العام للمنطقة المحيطة.
وأوضح البيان أن "الملعب الجديد سيلتزم بأعلى المعايير الدولية، وسيعد أيقونة معمارية جديدة لمدينة ميلانو".
كما أضاف البيان: "سيشمل المشروع أيضا إنشاء مركز تميز جديد يعكس الطابع الرياضي والثقافي الذي يميز منطقة سان سيرو والمدينة بأكملها، مع إعادة تعريف للمساحات الحضرية من خلال الابتكار والاستدامة وسهولة الوصول".
وتشير التقارير إلى أن الجزء الأكبر من ملعب سان سيرو الحالي من المتوقع أن يتم هدمه بين عامي 2031 و2032، بينما سيبدأ بناء الملعب الجديد في وقت أبكر، إذ سيتم تشييده بالقرب من موقع مياتزا الحالي وليس مكانه مباشرة.
ومن المقرر أن تبدأ أعمال البناء في النصف الأول من عام 2027، على أن تستكمل بحلول عام 2031، وهو ما سيسمح لكل من ميلان وإنتر ميلان بخوض مباريات موسم 2031-2032 في ملعبهما الجديد.
كما ستمكن هذه الخطوة مدينة ميلانو من أن تكون إحدى المدن المستضيفة لبطولة كأس أمم أوروبا 2032، في حدث يعكس الطموح المستقبلي لعاصمة كرة القدم الإيطالية.
يعد ملعب سان سيرو، المعروف أيضا باسم جوزيبي مياتزا، واحدا من أشهر وأعرق الملاعب في تاريخ كرة القدم العالمية، ورمزا خالدا لمدينة ميلانو الإيطالية. شيد هذا الصرح الكروي العريق عام 1926، بمبادرة من رئيس نادي ميلان آنذاك بييرو بيريلي، الذي حلم ببناء ملعب يليق بعظمة فريق المدينة الأحمر والأسود.
لم يكن إنتر ميلان في البداية طرفا في المشروع، إذ كان الملعب مخصصا لمباريات ميلان فقط، قبل أن يبدأ الفريقان في تقاسم الملعب لاحقا ليصبح رمزا للوحدة الرياضية في العاصمة الاقتصادية لإيطاليا.
تعود أول مباراة رسمية أُقيمت على أرض سان سيرو إلى يوم 19 سبتمبر 1926، عندما فاز إنتر ميلان على غريمه ميلان بنتيجة (6-3) في لقاء ودي احتفالي بمناسبة افتتاح الملعب. آنذاك، كان الملعب بسيطا في تصميمه، بسعة لم تتجاوز 35 ألف متفرج، وبني على طراز الملاعب الإنجليزية دون مضمار ألعاب قوى، ما منحه طابعا كرويا خالصا جعل منه وجهة مثالية لعشاق اللعبة في إيطاليا.
شهد ملعب سان سيرو عبر العقود سلسلة من عمليات التوسعة والتطوير التي جعلته تحفة معمارية عالمية. في خمسينيات القرن الماضي، تمت إضافة مدرجات جديدة رفعت سعته إلى أكثر من 60 ألف متفرج، قبل أن يخضع لتجديدات كبرى استعداداً لبطولة كأس العالم 1990، حين اكتست واجهته الشهيرة باللون الأحمر وتمت إضافة السقف المائل الشهير والأبراج الحلزونية التي أصبحت علامة مميزة للملعب.
بعد تلك التحسينات، وصلت سعته إلى أكثر من 80 ألف متفرج، ليصبح أحد أكبر الملاعب في أوروبا والعالم.
في عام 1980، أُطلق على الملعب اسم جوزيبي مياتزا تكريما لأحد أعظم نجوم الكرة الإيطالية الذي تألق في صفوف كلٍّ من ميلان وإنتر، إلا أن اسم "سان سيرو" ظل الأكثر تداولا بين الجماهير حول العالم، خاصة أن الحي الذي يقع فيه الملعب يحمل الاسم ذاته.
احتضن سان سيرو بعضا من أعظم لحظات كرة القدم الإيطالية والأوروبية، إذ استضاف نهائيات كأس أوروبا ودوري أبطال أوروبا في أعوام 1965 و1970 و2001 و2016، إلى جانب عدد من المباريات التاريخية لبطولات كأس العالم 1934 و1990، وكأس أمم أوروبا 1980.
كما كان مسرحا لمواجهات لا تنسى في "ديربي الغضب" بين ميلان وإنتر، حيث عاشت جماهير المدينة لحظات الفرح والانكسار في أجواء لا مثيل لها.
لم يكن سان سيرو مجرد ملعب لكرة القدم، بل تحول إلى معلم ثقافي وسياحي بارز، استضاف حفلات موسيقية ضخمة لنجوم عالميين مثل مايكل جاكسون، ومادونا، وفرقة رولينج ستونز، ليصبح رمزاً جامعا للفن والرياضة في آن واحد.
ورغم تاريخه المجيد، واجه الملعب في السنوات الأخيرة انتقادات تتعلق بقدمه وتكاليف صيانته العالية، ما دفع ناديي ميلان وإنتر إلى التفكير في بناء ملعب جديد أكثر حداثة واستدامة. وبعد أعوام من النقاشات والمشاريع المؤجلة، تم في عام 2025 الإعلان رسميا عن توقيع عقد شراء منطقة سان سيرو بالكامل، تمهيدا لبناء ملعب جديد يليق بتاريخ المدينة وطموحات الناديين.
وبينما يستعد عشاق كرة القدم لوداع هذا الصرح التاريخي خلال العقد المقبل، يبقى سان سيرو شاهدا على قرن من المجد الكروي، ومنارة خالدة للكرة الإيطالية التي أضاءت سماء أوروبا والعالم.