ملاعب - لطالما عاش جمهور آرسنال على الأمل في المواسم الأخيرة؛ أمل الانقضاض على اللقب، أمل كسر سلسلة الإخفاقات الممتدة منذ أكثر من عقدين، لكن ذلك الأمل كان دوماً يتبخر في الأمتار الأخيرة. غير أن هذا الموسم يبدو مختلفاً تماماً.
فوز المدفعجية على بيرنلي بنتيجة 2-0 كان الخامس توالياً في الدوري الإنجليزي، ليبتعد الفريق بسبع نقاط في صدارة الترتيب، ولو مؤقتاً، بفارق مريح عن منافسيه الكبار. ليفربول حامل اللقب يتأخر بسبع نقاط في المركز الثالث.
22 عاماً من الانتظار، وثلاثة مواسم متتالية وصيفاً... فهل يكون موسم 2025 - 2026 هو موسم الحصاد أخيراً؟
أثبت بيرنلي منذ صعوده من الدرجة الأولى أنه أحد أكثر الفرق تنظيماً دفاعياً في إنجلترا، بعدما تلقى 16 هدفاً فقط في 46 مباراة بالموسم الماضي. لكن آرسنال وجد طريقه في تيرف مور من ركلة ركنية؛ الهدف الثامن له من كرة ثابتة هذا الموسم، رقم قياسي في أول عشر مباريات لأي فريق بتاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.
إجمالاً، جاءت 12 من أصل 18 هدفاً لآرسنال في الدوري من كرات ثابتة، أعلى نسبة في تاريخ المسابقة.
وقال الأسطورة آلان شيرر عبر «بي بي سي»: «لا أرى أي ضعف في هذا الفريق. يسجلون من الركنيات، من الضربات الحرة، لكن ما يعجبني أكثر هو كيف يستخدم أرتيتا كالفوري وتيمبر في الأجنحة المتقدمة لخلق زيادة عددية والحصول على فرص ثابتة».
منذ مواجهة نيوكاسل في 28 سبتمبر (أيلول)، لم يستقبل آرسنال أي هدف. سبع مباريات متتالية بشباك نظيفة، وهي أفضل سلسلة دفاعية للفريق منذ ربيع 1999. الحارس ديفيد رايا لم يتعرض سوى لتسديدة واحدة على المرمى في آخر أربع مباريات بالدوري!
كاد بيرنلي أن ينهي هذا الرقم في الثواني الأخيرة عندما ارتطمت تسديدة ماركوس إدواردز بالقائم، لكن النتيجة النهائية أكدت استمرار الصلابة. ولم يكن ذلك مصادفة، إذ لم يعد هذا الفريق يُكسر بدنياً أو نفسياً كما كان في الماضي.
يقول المدافع السابق نيدوم أونوها: «في 2021 كنت أقول إن آرسنال يمكن إخافته، الآن الوضع مختلف. إن كان المطلوب القتال، يقاتلون. وإن كان المطلوب كرة جميلة، يقدمونها. هذا فريق ناضج، جاهز لأن يكون بطلاً».
أنفق آرسنال نحو 250 مليون جنيه إسترليني الصيف الماضي لتقوية الفريق، والنتائج بدأت تظهر بوضوح. ورغم غياب نجوم كبار مثل غابرييل خيسوس، كاي هافرتز، مارتن أوديغارد ونوني مادويكي، لم يتأثر الفريق، إذ دخل البدلاء بسلاسة وواصلوا سلسلة الانتصارات.
يقول أونوها: «العمق هو ما يميز هذا الفريق. حين يغيب لاعب، يأتي آخر جاهز. لهذا يُعتبر آرسنال الآن المرشح الأول، ببساطة لأنه يملك بدائل في كل مركز».
أرتيتا كان دائماً يتحدث عن «التوقيت» عاملاً حاسماً في سباق اللقب. ففي الموسم الماضي، توّج ليفربول بطلاً برصيد نقاط أقل مما حققه آرسنال في موسمين متتاليين. لكن هذه المرة، يبدو التوقيت مثالياً: ليفربول فقد بريقه بأربع هزائم متتالية قبل أن يستعيد توازنه، ومانشستر سيتي يعيش حالة من عدم الثبات بنتائج متذبذبة (5 انتصارات، 3 هزائم وتعادل).
ربما لا يزال مبكراً الحديث عن التتويج، لكن الإحصاءات التاريخية تقول: لم يفز أي فريق كان متصدراً في مثل هذا التوقيت من الموسم خلال السنوات الست الأخيرة، فهل يكسر آرسنال هذه القاعدة؟
ختم غاري نيفيل تحليله عبر «سكاي سبورتس» برسالة مباشرة: «آرسنال أصبح فريقاً يمكن الوثوق به. هذا هو موسمكم. لم أكن أقولها من قبل بثقة، لكني الآن مقتنع. الفرصة أمامكم، خذوها».
الخلاصة: فريق أرتيتا اليوم يملك كل ما كان ينقصه بالأمس: الصلابة الدفاعية التي تُلهم الثقة، العمق الفني الذي يحافظ على النسق، التوازن النفسي في المباريات الكبرى. قد لا يعلن أحد في شمال لندن ذلك علناً، لكن داخل جدران «الإمارات» يسود إحساس واحد... اللقب هذه المرة ليس حلماً بل موعد مؤجل منذ 22 عاماً.