في عالم كرة القدم، حيث يمكن لأضواء الشهرة أن تحرق أجنحة المواهب الشابة، وتتحول مسيرات واعدة إلى حكايات منسية، يبرز اسم لامين يامال، جوهرة برشلونة الذي لم يكتفِ فقط بالبقاء ثابتًا في وجه عاصفة صيفية صاخبة، بل بدا وكأنه يستمد منها قوة إضافية، في سمة نادرة تذكرنا بالأسطورة كريستيانو رونالدو.
فمع وصوله إلى سن الثامنة عشرة في يوليو 2025، وجد يامال نفسه محط أنظار العالم ليس فقط لأدائه الصاروخي في الملعب، بل أيضًا لحياته الشخصية التي بدأت تثير فضول الإعلام والجماهير.
تزامن هذا مع تنظيم حفل عيد ميلاد ضخم أثار بعض القلق داخل أروقة نادي برشلونة، حيث خشيت الإدارة أن ينجرف "الفتى الذهبي" وراء بريق "النساء والحفلات"، وهو المصير الذي أودى بمسيرة العديد من المواهب قبله.
عقلية الكبار.. على خُطى رونالدو
لكن ما حدث كان العكس تماما. فبدلاً من أن يتأثر بهذه الأجواء، أظهر يامال نضجا استثنائيا وعقلية فريدة من نوعها. فكما هي طبيعة المفترسات الكبرى التي لا تهاب الضجيج حولها، بدا يامال وكأنه يستدعي الضغط ويستمتع به.
هذه السمة، التي قد تبدو غريبة للبعض، هي جزء أصيل من شخصيته، وهو ما أكده مرارا وتكرارا في تصريحاته ومنشوراته عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هنا يكمن وجه الشبه الجوهري مع كريستيانو رونالدو. فالنجم البرتغالي بنى إمبراطوريته الكروية على أساس عقلية "المحارب" الذي يزداد قوة كلما اشتدت عليه الهجمات والانتقادات.
لطالما استخدم رونالدو الضغط الخارجي كأقوى حافز له، فكل صافرة استهجان كانت بمثابة دعوة للانفجار في وجه الخصوم. إنها شخصية لا تكتفي بالتعامل مع الضغط، بل تبحث عنه وتتغذى عليه.
الرد في الميدان.. أقوى من الكلمات
هذا الصيف، لم يكن لامين يامال مجرد لاعب شاب يحاول تفادي الفخاخ التي تنصبها الشهرة، بل كان يثبت أنه يمتلك الحمض النووي ذاته الذي يميز العظماء.
ففي الوقت الذي كانت فيه الأقاويل تدور حول حفلاته وحياته الخاصة، كان هو يركز على تطوير قدراته البدنية والالتزام بتعليمات الجهاز الفني. لقد أدرك مبكرا أن الرد الأقوى لا يكون بالكلمات، بل بالأداء على العشب الأخضر، وقد نجح بإبهار ضد مايوركا بتسجيل هدف وصناعة آخر وقيادة برشلونة لفوز كبير خارج أرضه في أول مباريات الموسم الرسمية.
إن نجاة لامين يامال من صيف "النساء والحفلات" الصاخب لم تكن مجرد صدفة أو نتيجة للحماية التي يوفرها النادي، بل كانت اختيارا واعيا نابعا من عقلية استثنائية ترى في التحديات فرصة للتألق وفي الضغوط منصة لإثبات الذات.
وكما فعل رونالدو على مدار عقدين من الزمان، يبدو أن يامال قد فهم المعادلة جيدا: عندما يهاجمك العالم، فهذه هي اللحظة المثالية لتنفجر وتقدم أفضل ما لديك.